مقالات

خالد أبو المجد يكتب: حارس العقـــــــار .. !!

الاستماع للخبر
  • هل تذكرون المزحة التي تقص علينا حكاية الرجل البسيط الذى أصبح ثرياً بين ليلة وضحاها، بعد سنين طوال عجاف، فبنى عمارة ضخمة، وظن الجميع أنه إرتقى وأصبح من ذوى الأملاك، إلا أنه إكتفى بحجرة متواضعة أسفل العقار، وعمل حارساً، يجلس على باب بنايته، ويكتفى بالقليل الذى يجود عليه به مستأجري عقاره.. هذا بالضبط أحد أنواع التفكير السلبى والعقيم لبعض القطاعات لإستغلال الموارد عقب النجاح في تمرير صفقة أو إنجاز مشروع.
    وعلى سبيل المثال لهذه الطرق فى التفكير ماحدث لعشرات الأعوام من الإستغلال غير الأمثل لقناة السويس المجرى الملاحى الأكثر أهمية عالمياً، فمنذ تمام حفره حتى العام 2013 لم يفكر أحد فى الإستفادة من هذا الممر المائى سوى عن طريق تلقى الرسوم من السفن المارة به، أي طيلة 144 عاماً ظل التفكير مشابهاً لتفكير حارس العقار السابق ذكره، ولم تتخذ القرارات الجريئة لإنشاء وتنمية ضفافه وتوسعته وتطويره إلا القيادة السياسية الحالية.
    وفى العام 2006 نجح قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى تمرير رخصة المحمول الثالثة مقابل ما يقرب من 3 مليارات من الدولارات، كان من الممكن ببعض التفكير الإيجابى أن تتضاعف عدة مرات خلال سنوات قليلة، لو أمكن توجيه جزء منها في الإستثمار في البنية التحتية أو الكابلات البحرية أو صناعات التعهيد التي تتميز بها مصر وتتفوق فيها وتحتكر قمتها، إلا أن هذه المليارات جرى تصريف غالبيتها على سد العجز في مجالات الدعم والقطاعات الخدمية كالصرف الصحي، فذهبت أدراج الرياح، وبالتالي تم التخلص منها على أسوء وجه ممكن.
    الآن..نحن أمام مرحلة شديدة الشبه بتلك التي حدثت منذ سنوات عشر، فبعد جهد جهيد من مسئولي القطاع وعلى قمتهم الوزير المهندس ياسر القاضي هاهى تراخيص تكنولوجيات الجيل الرابع قد أبرمت وتم التوقيع علي عقود الرخص الموحدة من قبل شركات الاتصالات الأربعة العاملة فى السوق المصرية، وصارت المليارات من الدولارات والجنيهات بين ضلفتى الخزينة العامة للدولة.
    هاهو التاريخ يوشك ان يعيد نفسه تارة أخرى، رأفةً بنا أعطانا فرصة ثانية قد لا تتكرر لأخذ العظة من نتائج الدرس القاسى بالفرصة الأولى، لتصحيح الأخطاء، والتفكير بأسلوب أفضل علمياً وعملياً، وتحقيق القيمة الأعلى والإستغلال الأكثر مثالية لواردات وقيمة هذه الصفقة، ومحاولة تنميتها وإستثمارها دون تفتيتها وخسارتها فى دعم مرافق أو توفير سلع.

قليل من التفكير الإيجابى كفيل بأن يجعل واردات الرخصة الرابع للمحمول، وقيمة تراخيص الهاتف الثابت، والبوابات الدولية نواة لمشاريع كبرى رؤوس أموالها بعشرات وربما مئات المليارات، وبفتح الباب أمام العديد من فرص العمل كعادتنا مع مشاريع القطاع.
أتمنى أن يحسن توجيه عائدات 4G للإستثمار لتعظيم العائد والفائدة، وحبذا لو تركت للقطاع ليستثمرها بمعرفته، لفترة ثم يتم محاسبته على النتائج، فأهل مكة أدرى بشعابها، والتجربة أثبتت أن معدلات الإستثمار ودعم الخزينة الوطنية من جانب القطاع التكنولوجى هي الأعلى بين قرنائه
الظروف المرحلية التي يمر بها الاقتصاد الوطني تحتم علينا التكاتف وتغليب المصلحة الوطنية والتفكير بإيجابية أعلى وخارج كافة الصناديق، ولا أتمنى أن تكون قرارات ما بعد صفقة الجيل الرابع رائعة النجاح ذائعة الصيت مشابهة لتفكير حارس العقار.